Latest news and events

 

Bishop Milad El Jawich


عندما يجثو شابّ ويصلّي...

الأحد الماضي، احتفلت بالقدّاس في كنيسة سيّدة البشارة – مونتريال مع 306 شابّ وشابّة من أبرشيّتنا. صلّوا من أجلهم كي يثبتوا في حبّ الربّ.

غالبًا ما نركض ونلهث وراء شابّ واحد كي نشدّه ليسوع، وربّما ننسى أنّ محبّة الربّ تُسكَب في قلبه بلا أيّ جهد منّا. يجذبه الله إليه قبل أن نتفوّه بأوّل كلمة. تذكّر هذا: مهما تصلّبتَ وابتعدت وخطئت وتكبّرت وكابرت، تبقى محبّة الله منقوشة في جيناتك وهي التي تستيقظ فيك أحيانًا حنينًا إليه. وهذا الحنين إلى الله، قرأته في أعين الشباب، حتّى في أكثرهم عبثيّة. رأيتهم مصلّين، جاثين، خاشعين... وعندما يجثو شابّ ويصلّي أساسات الجحيم تتزعزع تحت قدميه!

قد تقولون: هناك أناسٌ لا محبّة لله في قلوبهم، هم عبثيّون يرفضون كلّ شيء، ومنهم أولادنا أحيانًا. لكن هل هذا هو واقع الأمر؟ ألا يمكن أن يكون رفضُهم حجّة كي يهربوا من الحبّ، لأنّ الحبّ بطبيعته مُلزِم؟ لا أعتقد أنّ محبّة الله يمكن أن تُمحى كلّيًّا من قلب الرافضين والعبثيّين، لأنّ الخليقة لا يمكن أن تتجرّد كلّيًّا من طبيعة الله الذي خلقها. الحياة الإلهيّة فينا لا تموت وإن اتّسخنا.

كلّ ما يحتاج الأمر هو أن نصلّي كي تستيقظ محبّة الله في قلوبنا وقلوب أبنائنا. نصلّي كي لا نقاومها، لأنّنا إن قاومناها سنُدمي أنفسنا ونؤذيها. ماذا قال الربّ لبولس عندما تراءى له على طريق دمشق: "شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟ يصعبُ عليك أن ترفس الـمِهماز" (أع 26: 14). مَن يقاوم مهماز النعمة الإلهيّة إنّما يؤذي نفسه أوّلًا.  

الحبّ، بطبيعته، يجب أن يُعلَن، أن يُرفَع، أن يُرى، تمامًا كما رفعَ موسى الحيّة قديمًا وكما رُفع يسوع على الصليب على مرأى من الجميع. لماذا نسمّي العيد القادم علينا: عيد ارتفاع الصليب المقدّس؟ لأنّ حبّ الله يجب أن يُعلَن، أن يُبشَّر به. لا أظنّ أنّ أيّ أمٍّ منكم أحبّت ابنها على السكت، تحت الطاولة، من دون أن تعبّر عن ذلك صراحةً وبقوّة. أعود وأكرّر: نصلّي لأولادنا لا كي يحبّوا الله المحبّة التي أصلًا لم تمت فيهم، نصلّي لهم كي تُعلَن محبّة الله فيهم، كي تُرفَع، كي تظهر، كي تستيقظ وتقوم، كي يشهدوا لهذا الحبّ الإلهيّ.

مثل شبابي، اجثوا راكعين وأعلنوا جهارًا: أُحبّ الله علنًا، ومحبّته فيّ لن تذهب سدًى، لن يطمسها أحد، لن يخنقها أحد، لا تجربة ولا خطيئة ولا أيّ خليقة أخرى، مهما بلغت الصعاب والعوائق... عيد الصليب هو عيد الرفع، والإشهار، والإعلان، وعدم الحياء، وعدم الخجل بالحبّ الإلهيّ الذي فيّ وفينا... هو عيد ارتفاع الحبّ الإلهيّ.